الذكاء الاصطناعي- فرصة أم تهديد للصحافة والإعلام العربي؟

المؤلف: محمد المِنشاوي08.17.2025
الذكاء الاصطناعي- فرصة أم تهديد للصحافة والإعلام العربي؟

على الرغم من النقاشات المستمرة منذ عقود حول الذكاء الاصطناعي (AI) وأثره المحتمل على حياة البشر، شهدت الأسابيع القليلة الماضية تحولًا جذريًا. تجلى هذا التحول بوضوح عندما قامت شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI) بإتاحة تطبيقها الشهير "شات جي بي تي" (ChatGPT) مجانًا للجمهور، مما أدى إلى وصول عدد مستخدميه إلى ما يقارب المليار شخص.

قد يكون من السابق لأوانه التكهن بالنتائج الكاملة لتطوير وتعميم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات، ولكن من المؤكد أن تأثيره سيكون واسع النطاق، وخاصة في مجالات الكتابة والصحافة والإعلام بشكل عام.

يثير هذا التطور قلق العديد من الخبراء، لا سيما مع ظهور قدرات الذكاء الاصطناعي المذهلة في إنتاج المحتوى الصحفي والإخباري، وإجراء التجارب المعلوماتية والبحثية، بالإضافة إلى إتاحته للملايين حول العالم. ويتزامن هذا مع اتجاه العديد من المؤسسات الصحفية والإعلامية الكبرى عالميًا إلى تقليص أعداد موظفيها.

يتوقع ديفيد كاسويل من مؤسسة "بي بي سي" (BBC) البريطانية أن "الصحافة ستشهد تغيرات في السنوات الثلاث المقبلة تفوق التغييرات التي طرأت عليها في السنوات الثلاثين الماضية".

شخصيًا، أرى أنه لا يمكن تجنب تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مستقبل البشرية. ومع ذلك، فإن استبدال الآلات بالبشر سيكون محدودًا ويعتمد على مدى استعداد الأفراد لاستخدام التكنولوجيا الحديثة. بمعنى آخر، يجب على الجميع التفاعل مع التطبيقات المتاحة واكتساب المهارات اللازمة لاستخدامها والاستفادة منها كقيمة مضافة في أعمالهم ووظائفهم.

على سبيل المثال، كنت أخطط للكتابة هذا الأسبوع عن التحديات التي تواجه الدول العربية في ظل التنافس الأمريكي الصيني، خاصة مع وجود وجهة نظر متشددة في واشنطن ترى أن الصين تسعى إلى الحلول محل الولايات المتحدة كقوة عالمية مهيمنة، وإعادة تشكيل النظام الدولي لخدمة مصالحها وتصوراتها. ولهذا، دفعني الفضول لاستكشاف ما يقدمه تطبيق "شات جي بي تي".

النتيجة كانت شاملة وموضوعية، وقدمت العديد من النصائح الهامة للدول العربية! عندما سألت التطبيق عن الإجراءات التي يجب على الدول العربية اتخاذها تجاه التنافس الاستراتيجي بين الصين والولايات المتحدة، أجاب بأن "العالم يشهد حاليًا منافسة استراتيجية بين الصين والولايات المتحدة في مختلف المجالات، ويتطلب ذلك من الدول العربية دراسة كيفية التعامل مع هذه المنافسة وتأثيرها على مصالحها الوطنية. المنافسة الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة قضية معقدة ومتعددة الأبعاد، والدور الذي يجب أن تلعبه الدول العربية في هذه المنافسة سيعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الصين والولايات المتحدة، بالإضافة إلى مصالحها وأولوياتها الاستراتيجية."

وفيما يلي بعض النصائح القيمة التي يمكن أن تساعد الدول العربية في التعامل مع هذه المنافسة الاستراتيجية:

التأكيد على الحياد الإيجابي

يتعين على الدول العربية أن تحرص على النأي بنفسها عن الاصطفافات السياسية الحادة، والتأكيد على الحياد الإيجابي في المنافسة بين الصين والولايات المتحدة. يمكن للدول العربية أن تسهم في تعزيز دور المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، للمساهمة في تجنب التصعيد والحفاظ على الاستقرار العالمي.

العمل الدؤوب على تعزيز التعاون الاقتصادي المتبادل

بإمكان الدول العربية أن تتعاون بشكل بناء مع الصين والولايات المتحدة في مختلف المجالات الاقتصادية ذات النفع المشترك. يمكن أيضًا تعزيز الاستثمارات والتجارة المتبادلة بين الدول العربية وكل من الصين والولايات المتحدة، مما يخلق فرصًا واعدة للنمو الاقتصادي.

الحفاظ على نهج متوازن وعقلاني

يجب على الدول العربية أن تسعى جاهدة للحفاظ على نهج متوازن وعقلاني في علاقاتها مع الصين والولايات المتحدة. وينبغي تجنب الانحياز إلى أي طرف بشكل مطلق، لأن ذلك قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على مصالحها واستقرارها الإقليمي.

تنويع الشراكات الاقتصادية بشكل استراتيجي

من الضروري أن تسعى الدول العربية إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية، وتجاوز الاعتماد التقليدي على عائدات النفط. يجب عليها استكشاف فرص تعميق العلاقات الاقتصادية مع كل من الصين والولايات المتحدة، وكذلك مع مختلف البلدان والمناطق الأخرى حول العالم.

إعطاء الأولوية القصوى للاستقرار والأمن الإقليمي

يتعين على الدول العربية إعطاء الأولوية القصوى للحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة، وتجنب أي إجراءات قد تؤدي إلى تفاقم التوترات بين الصين والولايات المتحدة. كما ينبغي عليها العمل على الحفاظ على علاقات طيبة مع كلا البلدين وتشجيع الحوار البناء والتعاون المثمر بينهما.

حماية السيادة والمصالح الوطنية بحزم

يجب على الدول العربية حماية سيادتها ومصالحها الوطنية في مواجهة الضغوط والمؤثرات الخارجية. وينبغي لها اتخاذ قراراتها السيادية بناءً على مصالحها وأولوياتها الاستراتيجية، دون الخضوع لإملاءات من جهات خارجية.

الاستفادة المثلى من الموقع الجغرافي المتميز

ينبغي للدول العربية أن تستغل موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا لتعزيز التجارة والاستثمار والتواصل. يمكن أن تكون بمثابة مركز حيوي للتكامل الاقتصادي الإقليمي والتعاون، وتسهيل تدفقات التجارة والاستثمار بين الصين والولايات المتحدة.

وهكذا، تمثل المنافسة الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة تحديات جمة وفرصًا واعدة للدول العربية. من خلال تبني نهج متوازن، وتنويع الشراكات الاقتصادية، وإعطاء الأولوية للاستقرار والأمن، وحماية السيادة والمصالح الوطنية، والاستفادة من الموقع الجغرافي المتميز، يمكن للدول العربية أن تبحر في هذا المشهد المعقد بكفاءة عالية وتعزيز مصالحها الاستراتيجية.

وختامًا، آمل أن تستمع الحكومات العربية إلى الحكمة والتقدير الذي تتميز بهما الآلة، بعيدًا عن العواطف والتحيزات المسبقة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة